ثقافة عطرية

هل هناك ارتباط بين حاستي اللمس والشم!؟

شهدت السنوات القليلة الماضية نموًا سريعًا في الاهتمام بالجوانب متعددة الحواس حيث ركزت العديد من الأبحاث  على التفاعلات بين حاسة اللمس والبصر وبدرجة أقل تناولت بعض الدراسات التفاعلات بين حاسة اللمس والسمع، كما تناولت بعض الدراسات العلاقة بين حاسة الشم وحاسة البصر حيث أظهرت الأبحاث في هذا النطاق أن الإشارات المرئية مثل الألوان  يمكن أن تحيز الأحكام الشمية وحتى الذوقية و تؤثر على قراراتنا.

ومع ذلك ، وعلى الرغم من وجود مجموعة من الأبحاث الحديثة حول التفاعلات متعددة الوسائط بين الشم والعديد من حواسنا الأخرى، إلا أن هناك ندرة في الأبحاث المتعلقة بطبيعة أي تفاعلات متعددة الحواس على وجه التحديد بين العلاقة بين حاسة الشم واللمس.  والتي كانت أحدثها تلك الدراسة  التي صدرت عن قسم العلوم البيولوجية في جامعة Southern Methodist في تكساس، الولايات المتحدة الأمريكية والتي اكتشفت ارتباطات اضافية بين حاستي الشم واللمس حيث أن الجين المرتبط باللمس في الديدان الرشيقة Caenorhabditis  التي اجريت عليها هذه الأبحاث والتي لديها بيولوجيا أعصاب مشابه لتلك الموجودة عند البشر لكن بصورة  أبسط بكثير من البشر. وأشارت الدراسة إلى وجود علاقة وارتباط واضح بين حاسة الشم واللمس. لكن دعونا أولا نتعرف على مجموعة من أهم الدراسات التي تطرقت للحديث عن العلاقة بين حواسنا. ثم سنتحدث بالتفصيل عن الدراسات الأخيرة التي تناولت العلاقة  بين حاسة الشم واللمس على وجه الخصوص.

الأبحاث والدراسات التي تناولت العلاقة بين الحواس 

كان جورج سيميل أول من تخيل علم اجتماع الحواس. في اثنين من المقالات التي يعود تاريخها إلى العقود الأولى من القرن العشرين. حيث لفت الانتباه إلى كيفية تأثير الحواس وتجربتها على المواقف الاجتماعية والتفاعل.  ثم جاءت رؤية Simmel في العلاقة بين الحواس والتي كانت سطحية في تلك الفترة إلا أنه تم استعادتها وتوسيعها بعد ذلك من قبل عدد من علماء الاجتماع العاملين في مجال علم اجتماع الجسد في التسعينيات. على سبيل المثال ، استكشف أنتوني سينوت “الوظيفة الاجتماعية” للمس والشم وكذلك البصر في كتابه. 

في حين أنه من الممكن فقط التعرف على الثقافة البصرية ، وثقافة التذوق ، والثقافة السمعية  والثقافة الشمية و اللمسية. باعتبارها تتدفق إلى الدراسات الحسية بأثر رجعي (نظرًا لأن مصطلح “الدراسات الحسية” لم يكن موجودًا حين ذلك. أو لم يتم استخدامه بهذه الطريقة ، قبل عام 2006). فمن الواضح أن هذه التيارات المستقلة سابقًا شكلت الآن علما قائما بحد ذاته له العديد من المجالات المختلفة مثل التسويق الحسي وغيرها.

الدراسات الحديثة التي تناولت العلاقة بين حاسة الشم واللمس 

كما ذكرنا سابقا فإن أحدث دراسة تناولت العلاقة بين حاسة الشم واللمس  أجريت على الجهاز العصبي للديدان على يد مجموعة من الباحثين في العلوم البيولوجية في جامعة Southern Methodist.  والتي  علق المؤلف المشارك في الدراسة آدم دي نوريس، الأستاذ المساعد في العلوم البيولوجية في الجامعة قائلاً: “بالإضافة إلى تشغيل الجينات وإيقافها، هناك طريقة أخرى للتحكم في وظيفة الخلايا العصبية. وهي توليد إصدارات مختلفة (ولكنها متشابهة وظيفيًا) من جين واحد تسمى الأشكال الإسوية. بحثنا عن خلايا عصبية مختلفة تحتوي على أشكال مختلفة من الجينات المهمة.  قادنا هذا إلى الاكتشاف الأساسي الموضح في هذه الورقة العلمية، وهو أن الأشكال الإسوية المختلفة لجين واحد (mec-2) تعمل على تمكين كل من التحسس الميكانيكي والشم” .

وفي حين أن mec-2 هو جين موجود فقط في الديدان. فإنه يشبه إلى حد كبير الستوماين داخل الجينوم البشري. وبتالي ستكون الخطوة التالية هي تقييم مادة الستوماتين بالطريقة نفسها. مع ملاحظة ما إذا كانت تمتلك أيضًا أشكالًا إسوية ترمز لكل من التحسس الميكانيكي و الشم. وسيكون الهدف النهائي هو عزل دور الستوماتين في فقدان حاسة الشم الناتج عن Covid. واختبار ما إذا كان التلاعب في التمثيل الغذائي والوظيفة يمكن أن يعزز الشفاء أو التجديد. أو المرونة العصبية داخل نظام حاسة الشم.

كما تم تحديد هذا الجين سابقًا على أنه هدف علاجي محتمل للألم المزمن. والآن بعد أن علمنا أن الجين مسؤول أيضًا عن حاسة الشم.  فقد يمثل فرصة لعلاج أو فهم عيوب حاسة الشم. مثل فقدان حاسة الشم الغامض الذي ظهر في العديد من حالات الإصابة بفيروس كورونا.

أهمية هذه الدراسة في مجال صناعة العطور 

 تعد هذه الدراسة مهمة لفتح السبل المستهدفة لمزيد من البحث عبر الوسائط في العلاقة بين صفات اللمس (الشكل، والملمس ودرجة الحرارة، والحجم، والإحداثيات، وما إلى ذلك) والرائحة أي حاسة الشم. إذا تم تسخيرها في مختبر علوم حاسة الشم، يمكن أن تشمل تداعيات الخطوة التالية تحديد المركبات (مثل الأوجينول أو السيترونيلول) والبروتينات المقابلة لها التي تحفز الاستجابات اللمسية والشمية في الدماغ من خلال هذه الجينات ذات الأداء المزدوج، مما يسمح بدوره للمطورين بمجموعة أدوات أكثر دقة لاستحضار أشواك الوردة ورائحتها في صناعة العطر.

في الختام يمكن القول أن مثل هذه الدراسات والأبحاث ما زالت قيد التطوير من أجل إيجاد المزيد من الحلول سواء لمشاكل حاسة الشم أو ممن يعانون من فقدانها بعد الإصابة بكورنا أو بأي أمراض أخرى لكن مما لا شك فيه أن مثل هذه الدرسات ستسهم بشكل أو بآخر في تطوير مجال صناعة العطور. للمزيد من المعلومات يمكنك الاطلاع على مقالتنا في مدونة جنة العطور.

 

آية راجي

صحفية وكاتبة مقالات متنوعة عملت في العديد من المواقع العربية أمتلك الشغف في كتابة المحتوى وأطمح للأفضل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى